معاناة حقيقية يعيشها البعض بيننا
اضطراب الهوية
سعود علي آل سعيد - 27 / 1 / 2009م - 5:12 م
عندما يمن الله سبحانه وتعالى علينا بالصحة والعافية وبالدعة والطمأنينة نعتقد بأن الأخرين حالهم من حالنا،، ولا نتصور إنه يوجد من يعيش بيننا - وقد يكون من المقربين إلينا - حياته عذاب ومعاناة معلقة على جيده طوال اليوم، هذا إذا لم تظهر له ككوابيس في نومه،،
هناك العديد من أنواع المعاناة التي ترافق الناس حيثما حلوا وحيثما أرتحلوا،، ونحن نلتهي بخضم مشاغل الحياة ولا نشعر بهم وكما يقال في المثل الشعبي" ما يحس بالجمرة إلا واطيها".
ولهذه قصة الحقيقية التي أطرحها في السطور القادمة إنما هي لمثال لحالة من حالات عديدة لهذه المعاناة التي نحن بصددها،،..
تتحدث على استحياء وبطرف خفي ومحجريها يحبسان سناء دمعها يريد أن يتزحزح ليتحدث عن سيل من الإشجان وهي تمسح على خذيها عبطاً،، والشرود يتلاعب بفكرها فيرميه تارة شمالاً وأخرى يمنى، فيخرج الحرف بمضض ونبرة يحبسها موروث مقيت قد يكون المجتمع ورائه،، فلنقرأ سوياً هذه المعاناة عل لسان صاحبها...
"كنت في نعومة أظفاري أعيش عيشة لا أختلف بشيء عن غيري بها، ولكن عندما بدأت أستوعب مداركي وأتعاطى مع المحيط الداخلي«الأسرة» أمسى يمر عليَّ طيف غريب وإحساس يشعرني بغربة مع الذات.. ولظروف الأعراف والعادات -إلي بتدبحنا- كتمت هذا الشعور إلا إن هذا الكتمان سبب استفحال هذه الظاهرة، فكنت أتحاشى زميلاتي في الدراسة خاصة في المرحلة الثانوية وذلك لتوَّلد وإطراد هذا الشعور تجاههنَّ ولم يكٍ شعور فتاة تجاه أخرى بل زوبعة من المشاعر المتضاربة وأحاسيس غريزية مُثارة وكأنها على نقيض من الفطرة،،
دأب هذا الشعور في التنامي من جانب تفاعلي واحتكاكي مع زميلاتي،،أما ما يتعلق بالتركيب الجسماني،، فرغم إن ملامحي الخارجية تضفي ملامح الأنوثة والرقة والجمال والنعومة إلا إن هذا لا تجعله يخدعك فدون ذلك قد ترى ما يشعرك وكأنكَ ترى جنسين في جسد واحد، وكلما تمعنت في هذه الحالة كلما شعرت بظلم ممن تسبب لي بذلك وها هيَ تشتد حيرتي ضراوة ويزداد عقلي ضياع،،.
أحيانا أوجه اللوم لوالديَّ وأحملهما ما آلت إليه حياتي من جحيم لا يطاق،، فكيف فاتهم تشخيص وملاحظة جسدي المتناقض وهما من كانا يجرداني من ملبسي؟!!.
أم كيف ترعرعت في بيت وأنا طفلة أتقمص الشخصية الذكورية؟! ولا أرغب ان يتم تصنيفي كأنثى،، وهما يراني أتصرف بغرابة ومخالفة للسياق والذوق الدارج لجنس الإناث، إضافة لتميزي ببعض التصرفات والإيماءات التي أخجل من إفصاحها لك،ورغم ذا وذاك لم يكترث أي منهما بي،،
كنت أصارع جسدي من جهة وروحي من جهة أخرى،،فكثير ما راودتني فكرة التخلص من روحي وفصلها عن جسدي متخذة الانتحار وسيلة لتحقيق هذا الغرض، ولولا إيماني بالله سبحانه وتعالى فلربما أنا الآن في مقر مثواي الأخير.
لا أريد توصيف طبي أو جراحي لحالتي فقط قرأت عنها حتى أصبحت كأنني مختص وباحث في هذه الظاهرة وربما تفوقت على المختصين في هذا المجال من كثرة ما أطلعت عليه وذلك بحكم حاجتي لذلك وأن وضعي يجبرني على الإطلاع لكل ما هو معني بحالتي..
إذاً ماذا أريد؟،، ولماذا أشكوا بعد الله بثي وحزني إليك؟.
أستاذي كل ما أريده ان يتقبلنا المجتمع وأن يؤمن ابتداءاً بوجود هذه الحالة على إنها ظاهرة طبيعية، ومن ثم يقف معنا ويساندنا لتحديد هويتنا ولنتجنب تحقير ذواتنا، فكل ما بنا هو ما قدره لنا البارئ عز وجل فهو المصور بهذه الخلقة فالشكر والمنة له لخلقه لنا بأحسن تقويم..
حالتي هي حالة لحالات مشابهة وإن كانت ليس بالكثيرة لكنها موجودة ويجب الاعتراف بها وكذلك بما أنه توجد مثل حالتي بمعنى شكل خارجي أنثى ومشاعر وأحاسيس ذكورية فأنه يوجد من تعتقد بأنه يحمل بمظهره الخارجي صفات الذكورة ولكن هو في الحقيقة له مشاعر وانطباعات أنثوية خالصة..
قد تجد فتاة تتصرف ما يتصرف به الفتى وتسلط عليها الألسنة الحداد بأنها "مسترجلة" وكذلك يتهم بعض الفتيان بتصرفاتهم وسلوكهم ال***** والذي يميل للرقة والنعومة وكأنهم فتيات.
فللأسف هذه تُهم بدل ما تحل وتخفف من الوطء عليهم تزيد الأمر تعقيداً والوضع أكثر تأزماً.
بالنسبة لوضعي فقد تغلبت على الناحية السيكولوجية «النفسية» وأن الوضع هو مسألة وقت فقط وسوف أعمل الإجراء الجراحي وسأعيش شخصيتي الحقيقة بعد برهة من الزمن،، ولكن يستلزم بضرورة الاهتمام بالحالات الأخرى فالعديد منهم يعانون أيما معاناة وصدروهم هي صندوق تفريغ همومهم،، فهل يرضيكم هذا الوضع؟."
بالفعل رقَّت كافة جوارحي باستماعي لهذه المعاناة وما يحمله أصحابها من حالة مزرية واستشراف بائس ليس لهم حيلة سوى ان نقف معهم ليتخطوا الوضع النفسي والذي سببته لهم العقد الاجتماعية والأساليب الشعبية المؤرقة والمقيتة والتي درجت عليه الناس.
فلنكن بارقة الأمل لهم ليصبحوا مثلنا تماماً.
المصدر:
0 التعليقات:
إرسال تعليق