رغم السماح بالعمليات المصححة للجنس، لأسباب طبية أو لتصحيح عيب ولادي، إلا أن شبح العادات والتقاليد في بيئتنا العربية بات مصدراً مؤرقاً للمتحولين جنسياً، الذين تجبرهم حالتهم الصحية على ذلك. وفي مصر، بعد أن كان الأطباء ينتظرون ظهور حالة واحدة قد ترد إلى المستشفيات الحكومية كل عام، يأتيهم الآن ما لا يقل عن 25 حالة كل شهر، حسب تصريح الاختصاصيين.
فما هو مصير هؤلاء في مجتمعاتنا العربية؟ وما هو الباب الصحيح الذي عليهم أن يطرقوه لمعالجة نفسياتهم وأجسادهم؟ «سيدتي»، عالجت القضية من النواحي الشرعية والقانونية والأخلاقية والاجتماعية وتابعت قصة متحول جنسياً بث رسائله عبر صفحاتها..
الرياض: غادة الزبيدي وهيام الزير وشيماء إبراهيم، تصوير: فواز المطيري، القاهرة: ماجد صديق
عانت سميحة، التي تبلغ من العمر 33 عاماً، منذ صغرها من مرض اضطراب الهوية الجنسية، Trans-sex، وللأسف لم تعرف حقيقة مرضها إلا في سن السابعة عشرة، مما دفعها للانتحار عدة مرات، الدكتور علي الحناكي، مدير الشؤون الاجتماعية في مكة المكرمة، الذي يتابع حالتها، يؤكد أنها هي رجل في جسد امرأة، إلى أن بدأت تظهر عليها علامات الرجولة، كالصوت الخشن، والشعر الكثيف، واختفاء الدورة الشهرية منها، فراجعت طبيباً كشف لها أنها اقرب إلى الذكورة، وبعد عدة فحوصات، وجلسات نفسية، قرر الطبيب أنها رجل، وأشار عليها بإجراء عملية التصحيح. لكن الأمر قوبل بالرفض من أهلها، خوفاً من مواجهة المجتمع.
تقول سميحة لـ «سيدتي»: «بحثت عن حقيقة مرضي، وعلمت ما هي الشروط والأوراق اللازمة لتصحيح الجنس، لكن الأطباء اعترضوا على العملية، لعدم وجود موافقة لي من وزارة الصحة، أو خطاب من الإفتاء عن حالتي، مما أصابني بالكآبة، وحاولت الانتحار، لكنني سافرت إلى مصر، وهناك أجريت فحوصات طابقت أقوال الأطباء في السعودية، ثم أجريت عملية إزالة الصدر، رغم التشوه الذي أصابني، ونصحني أحد الأطباء بعمل جراحة تحولني إلى ذكر، لكنني رفضت ذلك إلا بموافقة من بلدي».
الدكتور الحناكي، أثنى على أهل سميحة، الذين تقبلوها رغم رفضهم في البداية، ووقفوا بجانبها وشجعوها، بعدما رأوها متعبة نفسياً. وتابع: «سميحة راسلت إحدى المستشفيات الأمريكية في ولاية ميامي، الذين درسوا تقاريرها الطبية، وذكروا أنه بالإمكان إجراء هذه العملية لديهم، ولكنها تنتظر البت في أمرها وموافقة».
تحولت وتزوجت وسُرقت
تحكي لنا «ندى أحمد»، أن أمها فضلت ألا تخبر الناس بالمأساة التي تعيشها ابنتها، خوفاً من فضيحة للعائلة. إذ بلغت ندى سن الحادية عشرة، وانقطعت عن المدرسة، لأن ملامح الأنوثة بدأت تسبب لها حرجاً شديداً، وقررت أن تكمل الدراسة في المنزل، بعدها تخرَّجت في الثانوية العامة، كانت ترتدي ملابس واسعة لتخفي ملامحها، إلى أن دخلت في صراع نفسي مع أنوثتها، وعندما لجأت إلى الطبيب حسم أمر التحول من ذكر إلى أنثى، ورغم رفض أهلها، لجأت إلى طبيب جراح، طمأنها بنجاح العملية، ولكن دون أن تفكر بإنجاب الأطفال، فأوهمت عائلتها أنها ستسافر إلى الخارج، ودخلت المستشفى، وأجرت العملية دون أن تخبرهم، وعندما عادت إليهم أنثى رضخوا للأمر الواقع.
لكن مأساتها كانت مع الخاطبين الذين يرفضونها لأنها كانت ذكراً، حتى تقدم لها أحد المعارف فتزوجته، تقول ندى عن تبعات هذا الزواج: «بعد الزواج تحول إلى شخص آخر، فبدأ يكلمني بطريقة غير لائقة، ثم فجأة أخبرني أنه سيتقدم لخطبة فتاة أخرى، وفوجئت أيضاً بأنه طلقني غيابياً، بعد أن أخذ مني 200 ألف ريال، هذا بخلاف الهدايا التي وصلت قيمتها إلى 100 ألف ريال»!.
نائب مدير.. أنثى سابقاً
محمد همام، متحول، يعمل حالياً نائباً لمدير عام في إحدى الشركات، رغم معاناته من المجتمع الذي لم يرحمه رغب في الزواج، فاعترض إخوته، ظناً منهم أنه غير أهل لذلك، حتى خاله سخر منه عندما طلب إحدى بناته للزواج، وقالوا «كيف نزوج رجلاً كان امرأة لأكثر من 18 عاماً»؟ يتابع محمد: «استقر بي الحال في مدينة أخرى، واعتمدت على المكافأة الشهرية حتى تخرجت في الجامعة، ثم تقدمت لإحدى الشركات الكبرى، وتدرجت في الوظيفة حتى أصبحت الآن نائباً لمدير عام الشركة، وتزوجت امرأة من بلد عربي، وعندما علم أقربائي بالتطور الذي شهدته حياتي العملية والمادية والأسرية، أتوا إلى منزلي، وقدَّمت زوجتي لخالي، الذي رفض سابقاً زواجي من ابنته، عندها رأيت الندم في عينيه هو وبقية أقربائي، لتعاملهم معي على هذه الصورة القاسية في الظروف التي كنت بأشد الحاجة لمساعدتهم ومساندتهم لي».
تشعر بغيرة زوجها
حصة، تحولت من ذكر إلى أنثى منذ سبعة أعوام، وبعد العملية، قاطعها أهلها، معتقدين أنها أجرتها بناء على رغبتها دون دواع طبية، تتابع حصة: «تقدم لي شاب سبق له الزواج من قبل بامرأتين، وعندما رآني تمسك بي، فشرحت له حالتي، وأصر على إتمام الزواج، فشعرت لأول مرة بالأمان في حياتي.. عشت معه كأي امرأة طبيعية، سعيدة رغم تعليقات وسخرية أقاربه، وهو شديد الغيرة عليَّ حتى من إخوتي الذكور، بالإضافة إلى أنني أجهضت حملي مرتين، وأتمنى أن يكلل الله حملي في المرة المقبلة وأرزق بطفلة».
يعقب الدكتور نبيل الدسوقي، اختصاصي طب الأطفال في جراحة التحول الجنسي، على هذه القصة، بقوله: «يعمد الأهل إلى إخفاء حقيقة الراغبين بالزواج من هؤلاء المتحولين، ويكتفون بالتصريح بأن الولد أو البنت قد أجريت له جراحة في المسالك البولية، ويؤكد الدكتور دسوقي أن مشاكل عدة أسفرت عن فشل تلك الزيجات، لكن حالات المتحولين إلى إناث أكثر استقراراً من نظرائهم المتحولين إلى ذكور».
مثار للسخرية
يفتح الدكتور نبيل الدسوقي ملفات بعض المرضى في مصر، فيقول: «شاكر شخص مكتمل النمو كرجل، لكنه يملك أيضاً عضواً تناسلياً أنثوياً، وصدراً كصدور النساء، طالما حاول الإخفاء بشتى الطرق. حين جاء إلى المستشفى سخرت منه الممرضة، فما كان منه إلا أن ترك المكان وأقسم بعدم العودة إليه». ويضيف دسوقي: «هناك حالة أخرى، وهي لطالب من دولة عربية، عومل طيلة حياته كأنثى، بدأت ملامح الذكورة تغلب عليه تدريجياً. وللأسف النفور هو الانطباع العام، فمازال الكثيرون يجهلون كيفية التعامل مع هؤلاء».
ما يجب فعله مبكراً؟
تشرح الدكتورة إيناس مازن، أستاذة الغدد الصماء والوراثة الإكلينيكية بالقصر العيني، ما يجب فعله عند اكتشاف مثل هذه الحالات:
1 لمراعاة ظروف الطفل نفسياً، فإننا نطلق عليه اسماً قد يصلح للذكر أو الأنثى على السواء، مثل «رضا» أو «عصمت»، تأهباً لما قد تسفر عنه تطورات البلوغ في تشكيل الشخصية.
2 تضخم الأعضاء الحساسة أحياناً عند بعض الإناث يأتي بسبب تضخمالغدة فوق الكلوية لنقص في الأنزيمات، فالكثير يجهل أن الجهاز التناسلي يبدأ في التكون بين الأسبوع الثامن والثاني عشر، في نفس الوقت الذي تتكون فيه الكليتان، ولذا فإن هذا التشوه غالباً ما يأتي مصحوباً بتشوه الكلى، ونتدارك هذا الخلل بإجراء جراحة، قد تكون مصحوبة بجراحات تجميلية أخرى، ليصبح المريض أنثى متكاملة.
3 الاكتشاف المبكر الذي يتم بقياس الهرمون المسبب لهذه التشوهات، والذي يتم إجراؤه للمواليد عن طريق كعب القدم مهم جداً.
4 في حالات أخرى قد يحدث اتحاد جزئي فقط للهرمون مع الأنسجة، ولابد هنا من الانتظار لمعرفة هوية الطفل من الناحية النفسية.
5 قد يفشل المريض في معرفة هويته، ويعود هذا إلى العامل الوراثي، فقد وردت حالات يولد فيها ثلاثة أشقاء بنفس الخلل في الجهاز التناسلي.
< في العام 2006م، تم إنشاء مركز متكامل لتصحيح الجنس في المستشفى الجامعي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، لتشخيص وعلاج وجراحة حالات تصحيح الجنس. كما أن المختصين في أرياف مصر يدربون الممرضات على فحص الرضع الذين يردون إلى المراكز الصحية بصورة دورية، بغرض التطعيم ضد أمراض الأطفال.
< في المؤتمر المصري الألماني، الذي عقده المركز القومي للبحوث في القاهرة، في نهاية العام الماضي، تم تسليط الضوء على خلل الجهاز التناسلي، وظهرت العوامل الوراثية كأحد أهم الأسباب التي ينتج عنها مثل هذا النوع من العيوب الولادية، خاصة في المناطق الريفية، حيث يكثر زواج الأقارب، إلا أن التلوث وتناول الخضراوات والفاكهة المعدلة جينياً، يظلا محل جدل كبير في مدى إسهامهما في ظهور تلك الحالات.
وأشار الأطباء الألمان إلى أهمية العوامل النفسية والاجتماعية للموضوع، فهناك خط ساخن في ألمانيا لتلبية حاجيات هؤلاء المرضى.
قصة متحول
رغم حصوله على شهادته المدرسية من مدارس البنات، حصل على شهادته الجامعية من جامعة للبنين، حيث اضطر إلى السفر بين المرحلتين لإجراء عملية تصحيح جنسي، وأدى الإهمال الطبي إلى إحداث مضاعفات صحية قبل العملية، ومما زاد الوضع سوءاً معاناته المستمرة للحصول على حقه في الرعاية الصحية، والقبول الاجتماعي، خاصة في عمله.
حمل «س. أ»، الذي تحتفظ «سيدتي»، باسمه بناء على طلبه، تقاريره متوجهاً إلى «سيدتي» لعرض قصته، علَّها تجد الصدى الذي يأمله لرفع ولو جزء بسيط من معاناته الصحية والنفسية والمادية، فسألناه:
< كيف بدأت تشعر بوجود مشكلة ما؟
في المرحلة الثانوية ظهرت معالم الذكورة علي بوضوح، فشعرت بحرج اضطرني إلى التحويل لنظام المنازل، وبدأ المقربون ينصحون والدتي، رحمها الله، بعرضي على طبيب لينظر في حالتي، وعرفت أنني بحاجة إلى عملية تصحيح. فسافرت أنا ووالدتي إلى مصر، وعن طريق السفارة، تم إرسال النتائج للجهة المعنية، التي وافقت على إجرائها، وعدت إلى السعودية بعد شهرين من إجراء العملية.
< كم كان عمرك وقتها؟
لا أعرف بالضبط، لعدم وجود شهادة ميلاد رسمية، مما جعل الأطباء ينصحوني بعمل تسنين لي لمعرفة عمري بالتحديد، فالأوراق الرسمية حالياً تشير إلى أنه 47 عاماً، بينما أرى أنه لا يتجاوز الـ 30.
< كيف كانت ردة فعل المقربين لك بعد عودتك؟
المقربون اقتصروا على صديقات الوالدة وأقاربها، الذين لا يمكنني نسيان دعمهم المعنوي لي، كانوا يقولون لي: الله رحمك بهذه العملية.
< كيف واجهت المجتمع بثوبك الجديد؟
كنت أعاني بعض المشاكل الصحية القديمة، كالصداع النصفي وآلام الغدة الدرقية، لكن حالتي النفسية وقتها كانت جيدة، وعندما بدأت بإجراءات الأحوال المدنية لتغيير وضعي، نشر أحد الموظفين الخبر بين جميع الموجودين، وكأنه اكتشاف مذهل، مما آلمني نفسياً جداً، واستغرقت أكثر من سنتين بعد العملية لإنهاء معاملات تغيير الهوية.
< كيف بدأت حياتك الجامعية بعدها وهل أخبرت أحداً بالحقيقة؟
جمعتني علاقات اجتماعية طيبة بغيري من الزملاء، كما كنت متفوقاً، وقد أخبرت اثنين من المقربين، حيث كنت أخشى من إفشاء السر ونظرة المجتمع السلبية لي.
< ما هي الظروف التي أثرت على مستواك الدراسي؟
سفري لأكثر من مرة لكل من بريطانيا وأمريكا لتلقي العلاج، وإجراء العمليات، فقد كان يستغرق فترات طويلة، مما أخر تخرجي في الجامعة. كما أن وفاة والدتي أثرت في نفسي بشكل كبير، وبعد تخرجي، عينت اختصاصياً لذوي الاحتياجات الخاصة، وفي بداية عملي كنت موفقاً، حتى سافرت إلى أمريكا لأسباب صحية، ومنذ عودتي بدأت المشاكل التي لم تنته حتى الآن.
< ما هي هذه المشاكل وما سببها؟
عندما عدت من أمريكا طلب المشرفون تقاريري الطبية، فقدمتها لهم طالباً منهم احترام خصوصية ما فيها، لكن الأمر سرعان ما انتشر، وكُتبت عني تقارير تفيد أنني مريض نفسياً. مع أنني كنت متعباً، ولو كنت مريضاً نفسياً كما في المصحات، فكيف عملت وأنجزت وأثبت كفاءة وظيفية كما هو موضح في تقاريري؟.
< كيف تصرفت حيال هذه التصرفات؟
أصبحت أذهب إلى العمل للتوقيع، وأنصرف حتى يتم النظر في أمري، كما أوقف راتبي، وأنا أعاني حالياً من ضغط العصب الفقري، وآلام مزمنة في البطن، وإصابة في الكلى، ونزيف حاد، كل هذا إضافة للعملية التي خلفت العديد من المشاكل الصحية، لذا قال الأطباء إنني يجب أن أذهب للعلاج في أمريكا، وهذا ليس في مقدوري، فذهبت لأحد المراكز السعودية، لكن الطبيب كتب عني أني أتمارض. كما جاءتني منحة للعلاج في لبنان، لكن المسؤولين في العمل لم يوافقوا عليها.
< ألم تفكر بالزواج بعد وفاة الوالدة؟
تقدمت لإحدى الفتيات، وكنت أنوي مصارحتها بالعملية، وعندما سأل أهلها عني أخبرهم الناس بقصتي، مما أفسد الأمر.
خصوصيات
تمنى «س. أ»، على المسوولين في الوزارة التي يعمل بها، المساعدة ليتمكن من العودة إلى عمله، ورسالة أخرى إلى وزارة الصحة، متمنياً فيها أن تصله تقاريره الطبية، عله يجد حلاً لمعاناته، متمنياً أن يساعده المجتمع حتى يصل إلى غيره ممن تحولوا جنسياً ليتواصل معهم، فهو يطمح لتكوين جمعية لتنوير المجتمع بوضع أمثاله.
توجهت «سيدتي» لأحد المسؤولين في تلك الوزارة لتسأله عن «س. أ»، وعن سجله المهني لديهم، فأجابنا أنه لا يستطيع إعطاءنا أي معلومة عن موظفي الوزارة، احتراماً لخصوصياتهم.
أين الوعي؟
أستاذة التمريض النفسي بجامعة الملك سعود، الدكتورة عصمت الجميعي، ترى أن الرجل يشعر بمجرد كونه كان أنثى في يوم من الأيام بانتقاص من رجولته، والحل من وجهة نظرها يكمن في الدعم النفسي من جميع من حوله، إضافة إلى تلقي العلاج النفسي المطلوب في مختلف مراحل العلاج الجسماني، وتنصح «س. أ» باللجوء إلى علم الطاقة الذي يستمد منه الإنسان الطاقة الإيجابية والقدرة على المواجهة، فقد أثبت العلم الحديث أن مجرد توجه الإنسان إلى قبلة الصلاة بتركيز وخشوع، يجعل الأرض تمتص اكتئابه ومشاعره السلبية، وعليه بالاقتناع واليقين بقدرة الله وحتمية إرادته».
بينما الاختصاصية الاجتماعية، نجوى فرج، تحدثت عن الآليات الاجتماعية التي تحتاجها مجتمعاتنا لتغيير هذه النظرة بقولها: «الموضوع بحاجة إلى الكثير من الوعي من قبل الإعلام، الذي يقع على عاتقه مهمة التوعية، باستخدام الأساليب العلمية الطبية التي تبرز حقيقة الشخص المتحول كمريض بحاجة إلى العلاج، كما يجب استخدام المدخل الديني بشكل قوي، لإفهام الناس أن هذا الأمر إنما هو ابتلاء من الله، وعلاجه جائز شرعاً، لذا أرى أن عرض مثل هذه الحالات بشكل إيجابي يجعل المجتمع مع الوقت يتفهمها ويتفاعل معها».
رأي الشرع
لأجل التباين
الشيخ الدكتور إبراهيم المطلق، أستاذ أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أجاز عملية جراحية لأحد الجنسين، ذكراً أو أنثى، لتحويله إلى الجنس الآخر، إذا أثبتت التقارير المقدمة من لجان طبية وشرعية غلبة أعضاء الآخر، لأن هناك تبايناً في بعض الأحكام بين الرجال والنساء. ويكمل الشيخ المطلق: «أما من يتشبهون بالنساء، ومن يتشبهن بالرجال، وهم من يسمون «جنساً ثالثاً»، فلا يجوز إجراء عمليات جراحية لهم أو زيادة هرموناتهم، لأن في ذلك تغييراً لخلق الله تعالى، وقد لعن النبي، صلى الله عليه وسلم، المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، ففي ذلك حث على فعل الفاحشة المحرمة، وهي من الكبائر التي حذرت الشريعة من الوقوع فيها».
لا راد لقضاء الله
حول رأيه في القضية، يخبرنا الداعية السعودي، محمد الماجد: «إن الله تعالى خلق الإنسان ذكراً وأنثى وخنثى، وبعض الناس لوجود بعض العيوب الولادية، قد لا يظهر له جنسه الحقيقي، فقد ذكر الفقهاء أنه قد تكون لديه الآلتين «أي العضوين الذكري والأنثوي»، وعلى المجتمع المسلم تقبل هذا الشخص بجنسه الجديد، واعتبار أن ما أصابه أشبه بمرض، لم يظهر إلا مع مرور الزمن، فهذه إرادة الله الذي لا راد لقضائه، ولا يجوز شرعاً السخرية من هذا الشخص أو النميمة عليه، لأن هذا إنما يعد اعتراضاً على إرادة الله التي أرادها لهذا الشخص».
ويقول الدكتور هلالي سعد الدين، أستاذ علم مقارنة الأديان بجامعة الأزهر: «فيما يحرم الدين جميع الممارسات الخاصة بالشواذ و»الترانس سكشول»، ويعارض تحول ذكر أو أنثى مكتمل الذكورة أو الأنوثة، ينقسم العلماء إلى فريقين، فيما يتعلق بالالتباس الجنسي: يرى الأول أن هذا الخلل من خلق الله، فلا يجب التدخل لتغييره، ولكن أدين هذا الرأي لاتسامه بروح التواكل. أما الثاني، فيرى أنه لو كان للمريض عضوان، فيجب إجراء التحول لصالح العضو الذي يعمل بشكل أفضل، إلا أن الدين يؤيد دائماً الحل الأمثل من وجهة نظر صاحب المشكلة».
بين النفسي والطبي
الدكتور أحمد منصور، اختصاصي أمراض نفسية في مستشفى «دلة» في الرياض، رأى حالات يتعرض المصاب فيها للاكتئاب، الذي قد يؤدي إلى الانتحار، لعدم القدرة على التكيف مع الجنس الذي ولد عليه، أو ممارسة الحياة بشكل طبيعي، ويتابع: «لا بد من خضوع المريض أو المريضة، الذي يعلن عن حاجنه إلى التحويل للجنس الآخر إلى العلاج النفسي، للتوافق مع الجنس الآخر، وهذا يكون قبل العملية بسنتين، وإذا لم ننجح نلجأ للعلاج لإحداث التوازن مع الشكل الجديد، سواء كان ذكراً أو أنثى. والجراحة للأسف قد لا توصل لحياة زوجية سليمة، وبعدها لا يمكن التعديل، فالعديد من المتحولين يصابون بالاكتئاب، أو الرغبة بالانتحار، نتيجة عدم تقبلهم النفسي لوضعهم بعد الجراحة، وكذلك عدم قبول المجتمع بهم».
بينما الدكتور عبدالكريم سليمان الرستم، عضو الكلية الملكية للجراحين في بريطانيا، واختصاصي في جراحة المسالك البولية بمستشفى «دلة» في الرياض، فصل بين حالتين، الأولى: عند وجود التباس جسدي في الجنس «الخنوثة» تكون الأعضاء في حال وسط بين الرجولة والأنوثة، وأفضل وقت لإجراء العملية في الطفولة المبكرة.
الثانية: يشعر المصاب، والذي هو مكتمل من الناحية الجسدية، أنه ينتمي نفسياً للجنس الآخر، والعملية هنا تسمى عادة تحويل، وتجرى في سن ما بعد النضج في نطاق ضيق، وهي مثار جدل وخلاف في عالمنا العربي. وغالباً ما يكون حولها العديد من المشاكل القانونية والدينية، وضجة إعلامية، ولا يوجد أي إحصاء أو تسجيل دقيق لها. في حين أن الأولى تجرى بالمئات، وفي معظم الحالات كان نصيبها النجاح، وهذا الأمر يعتمد على نجاح العمل الجراحي، حيث أصبح من الصعب التمييز بين الأعضاء المكونة طبياً والطبيعية، بينما لا تزال عملية تكوين الأعضاء الذكرية أكثر صعوبة.
في حين تؤكد الدكتورة إيناس مازن، أستاذة الغدد الصماء والوراثة الإكلينيكية بالقصر العيني، أن تشوهات قد تصيب الجهاز التناسلي مثلما تصيب الجهاز الهضمي أو العصبي، وتتابع: «قرر مؤتمر شيكاغو، الذي عقد مؤخراً، أن يوقف استخدام مصطلح «الجنس الثالث» ويستعيض عنه «بالالتباس الجنسي»، وأعجب عندما يأتيني بعض الإعلاميين، ويحولون الموضوع إلى ضرب من ضروب التندر والتسلية، حتى إن بعض الأطباء ليسوا على دراية بوجود مثل هذه العيوب في الحالات التي يقومون بفحصها».
المصدر:
الموضوع منقول من موقع TgEgypt
المشاركات
0 التعليقات:
إرسال تعليق