أوضح الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن محمد عسيري أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام أنه عندما يخلق الله سبحانه وتعالى أحد عباده في وضع بين الذكورة والأنوثة فهذا أمر لا يملك العبد أن يعترض عليه وليس له دخل في ذلك، فهذه مشيئة الله سبحانه وتعالى.. مشيراً إلى أن المجتمع الذي يولد فيه مثل ذلك الإنسان ينظر إليه على أنه شخص عير مرغوب فيه، وقد ينظر إليه البعض نظرة شفقه، وآخرون ينظرون إليه نظرة احتقار وكأنه هو من خلق نفسه على تلك الهيئة. وأضاف: كان الكثير في الماضي من هذه الشريحة من المجتمع يعيشون ويموتون وهم مجهولو النوع، فقد يصنفون اجتماعياً ذكوراً أو إناثاً وقد لا يكونون كذلك، فيعيشون حياتهم في جحيم مستمر وعذاب ومعاناة اجتماعية ونفسية طيلة حياتهم. وتابع قائلاً: مع تقدم العلم وتقدم الطب أصبحت عمليه التصحيح الجنسي أمراً سهلاً، كما أصبح اكتشاف النوع أمراً أكثر سهولة. حيث ظهر ما يعرف بالتصحيح الجنسي.. والمصحح (أو المصححة) للجنس هو (أو هي) شخص وُلِدَ في جسد (أو بأعضاء تناسلية) عكس ما يشعر بهويته أو ما تشعر بهويتها.. لذا يشعر الشخص في هذه الحالة باضطرابات نفسية شديدة منذ الطفولة وعادة أكثر حدة أثناء فترة البلوغ وما بعدها، مما قد تؤدي به أو بها إلى الانتحار أو تعاطي المخدرات أو إيذاء النفس، وعلاجها الوحيد هو تصحيح الجنس (تحت الإشراف النفسي والطبي). وهذا ما يسمى علمياً باضطراب الهوية الجنسية. وهو أمر مختلف تماماً عن عمليات (تغيير الجنس التي يلجأ إليها الشواذ).
وبالرغم من تقدم العلم في هذا المجال ونجاح بعض التجارب العالمية إلا أن العديد ممن يعانون هذه المشكلة لايزالون يخشون القيام بتلك العملية خشية من النظرة الاجتماعية. وقد اتضح من خلال ما أوضحه العديد من المصححين جنسياً مدى المعاناة التي تعرضوا لها بعد إجراء العملية وكيف تدهورت حياتهم الاجتماعية، والنفسية نتيجة عدم تقبل المجتمع لهم.
بل إن الأمر قد لا يقتصر على المجتمع الخارجي بل يتجاوزه ليشمل الأسرة القريبة، والأقارب. ونتيجة لذلك فإن فرص هؤلاء في الحياة الكريمة، وفرص إقامة حياة أسرية أمر قد يعد من المستحيلات في مثل مجتمعاتنا العربية.
ومضى الدكتور عسيري قائلاً: كل تلك المشكلات والمعاناة التي يواجهها شريحة من أبناء مجتمعنا جديرة أن تحظى بالعناية والاهتمام من ولاة الأمر حفظهم الله، فيؤمر بدراسة أوضاعهم، وتبنى توفير الحياة الكريمة لهم. بشكل مؤسسي وليس بحالات فردية لا سيما وأن تصريحات بعض الأطباء السعوديين توضح أن هناك 600 عملية تصحيح جنسي تمت بالمملكة خلال 5 سنوات.. مشيراً أن هذا الرقم قد لا يعكس المجموع الكلي للحالات وإنما الحالات الجريئة التي استطاعت أن تقوم بمثل تلك العمليات. إلا أن الرقم ربما يفوق ذلك بكثير، ولا سيما وأن التأكيدات الطبية، وكما أشار الدكتور بسام في تصريح له نشرته صحيفة الوطن بتاريخ 24-7-2008م إن المستشفى أجرى العديد من هذه العمليات، وصلت نسبتها 1 من كل 5000 حالة ولادة طفل مصاب باعتلال في الغدة الكظرية، مشيراً إلى أن الكثير ممن تضطرهم ظروفهم الصحية إلى تحويل جنسهم يعانون من مشاكل كبيرة في تقبل وضعهم الجديد، حتى لأقرب الناس إليهم. كل ذلك يدعو لضرورة التحرك المجتمعي لمساعدة هذه الفئة من المجتمع اجتماعياً ونفسياً.. ولعل الأمر قد يبدأ بضرورة إنشاء جمعية خاصة بهم يتم التقاؤهم فيها ومنها تنطلق أصواتهم إلى العالم أجمع للتعريف بأوضاعهم ومشكلاتهم، ومتطلباتهم، كما تساهم في مساعدتهم على التكيف الاجتماعي والنفسي مع أوضاعهم الجديدة وكذلك تهيئة المجتمع لتقبلهم اجتماعياً. لا سيما وأن الأمر قد بدأ بخطوات جادة في بعض المجتمعات العربية المجاورة مثل البحرين، حيث تبنت المحامية البحرينية فوزية جناحي هذه الشريحة وعملت على إيصال أصواتهم إلى المجتمع والقضاء. كما أنشئ في مصر موقع خاص بهذه الشريحة يدعى ترانس جندر إيجيبت http://tgegypt.com وهو موقع خاص يهتم بمساعدة: (المصححون للجنس) في مصر والشرق الأوسط. وفي مملكة الإنسانية فإن هذه الشريحة من المجتمع لجديرة أن تحظى بجمعية خاصة يتم من خلالها اجتذاب الكفاءات المحلية والعالمية.
المصدر:
0 التعليقات:
إرسال تعليق